وسط هذا الكم الهائل من الخراب المتناثر وجغرافيا الموت وتعفن الجثث وروائح الدم التي تمتد بلا نهايات ومع قعقعة السلاح وصليل السيوف الظلامية وخطابها التكفيري القادم من أعماق الصحراء يطل ومن دون سابق إنذار أحد أهم رموز حقبة الظلام الديكتاتوري القومي الفاشي العسريتاري البوليسي المخابراتي التي اجتاحت الإقليم مع صعود "ثورة" ناصر الإخوانية القومية التي كانت فاتحة الخراب والانهيار بعد وميض ليبرالي وتنويري وحداثي قصير ساد الإقليم فيما بعد سقوط دولة الخلافة العثمانية الظلامية الانكشارية التي حكمت الإقليم لـ400 عام.
ووسط هذا الذهول والصدمة الإعلامية فاجأ الدوري وسائل الإعلام
بإطلالته الباهتة التي تعكس انهيار وزوال حقبة وخطاب وإيديولوجيا، لم تفعل تلك
الإطلالة وربما لم يكن الهدف منها سوى تذكير جمهور "الأمة الواحدة"
بأنها كانت هناك في العراق في يوم من الأيام.
اعتقد كثيرون، وبعد هذا الغياب الطويل عن الشاشات بأن الرجل قد أصبح
في دنيا الحق حسب الخطاب البرمجي إياه، ومنهم من شهق ورفع يده إلى السماء متضرعاً:
"سبحان من يحيي عظام السياسة وهي رميم ورماد"..
المخرف والمهرج
البعثي عزت إبراهيم الدوري يوجه كلمة من أحد الجحور التي انتهى لها كأي جرذ
بالذكرى 71 لميلاد ما يسمى بحزب البعث العربي الاشتراكي، الذي صادف يوم أمس السبت
السابع من نيسان، أشاد فيها بأمته العربية الافتراضية الخالدة وبأفكار البعث
ورسالته "التقدمية" (رجاء عدم المسخرة والضحك)، وحيّا جيش الطريقة
النقشبندية(؟؟؟؟)، وما أسمّاه فصائل المقاومة العراقية، موجها رسالته لجماهير
الأمة العربية الذين، يدمرون بلدانهم اليوم على نحو ممنهج بعد أن تحول قسم كبير من هذه الجماهير الظلامية لجنود "خلافة" ومرتزقة أوفياء للناتو
وإسرائيل بسبب عملية التثقيف والبرمجة وغسل الدماغ البعثي الجماعي لتلكم الجماهير وبفضل
وجهود وزارات الإعلام والأوقاف والثقافة والعدل والتربية والتعليم الظلامية البعثية
التي كان يقودها ويشرف عليها يزودها بتوجيهاته الحكيمة نصف المتعلم الجاهل الفاشل
دراسيا هذا العصفور الدوري وأمثاله. ( على فكرة كان يطلق على العراقيين لقب
الألمان العرب لكثرة ما كان فيهم من علماء ذرة وفيزياء نووية وعباقرة قبل كارثة
الغزو البعثي حيث تحول العراق إلى إمارة ظلامية رجعية وتحول معظم هذا الشعب العظيم
إما إلى الحوزات يلطمون في المراقد والعتبات المقدسة (عندهم) أو إلى قطعان من
الدواعش الذين روعوا وصدموا العالم بجرائمهم وهذه هي بالطبع إنجازات هذات هذا
الدوري الملهم الذي عاد من القبر ليذكرنا بما قدمه وما جلبه للعراقيين كوارث ومآس
وأما من تبقى من تلكم الأطياف فكان نصيبها التشرد والمنافي وأرصفة اليهود
والمشركين والكفار.
(طبعا ولمعلوماتكم هذا الجاهل
وشبه الأمي ويمكن، وبالكاد أنهى شهادة دراسة إعدادية عامة أو زوّر وثيقة ثانوية
أدبي شحط بأحسن الأحوال، هذا "الأكاديمي" الفريد، وبخبراته وشهادته
العلمية العالية تلك، كان يدير ويتحكم بمصير بلد ويخطط له وجلس في منصب قيادي في
مزرعة البعث العراقي لعقود وكان يخطط وينظـّر و"يشيل ويحط" ويبسط ارزق
لمن شاء من الأزلام والأتباع بناء على الاعتبارات والمعايير "إياها"، وكان
هذا الجاهل الأبله الكراكوز الطرطور المفلس، ويا لمسخرة الأقدار، يقرّر ويتحكم
بخمسة وعشرين مليون عراقي ويلعب بمصائرهم ويتحكم بلقمة عيشهم ويتصرف بشؤونهم كمالك
حصري وحده لا شريك له، سبحانه، يتمادى فوق القانون ويدوس الدستور ولا يقيم أي وزن
واعتبار لأي كان وصار فيلسوفا لا يشق له غبار يعظ بالاقتصاد والإعلام
والاستراتيجيا والسياسة الدولية والفنون والعلوم والثقافة والتجارة الدولية والصناعة
والتكنولوجيا ويعطي توجيهاته السامية في كافة مناحي الحياة ووووو فوقعت المأساة
فكانت تلك الكارثة الإنسانية وذاك الهولوكوست والمحرقة والمهزلة السياسية الكبرى
بالعراق بتحوله من دولة رائدة على مستوى الإقليم إلى شعب جائع ومشرد فقير محروم
وبلد مفكك ووطن ممزق ومقطع الأوصال ومتناثر الأشلاء...).