منذ اغتصاب فلسطين وقيام الدولة الصهيونية وقادتها يعملون وفق خطة طويلة الأمد لتفريغ فلسطين من أهلها. الصهاينة يدركون جيّدا أنهم سرقوا وطنا كان من أكثر الأقطار العربية تطورا وازدهارا اقتصاديا، وان شعبه لن ينسى الجريمة التي ارتكبوها بحقه، ولن يستسلم ولن يندثر أبدا، ولهذا فانهم يصارعون الزمن، ويحاولون تشريده وتشتيته في كل بقاع الارض لمنعه من استعادة حقوقه وعودته لوطنه.
بعد إقامة دولة اسرائيل، شعر الصهاينة بالارتياح عندما بدأت مجموعات
من الشباب الفلسطينيين في الضفة وغزة في بداية الخمسينات من القرن العشرين بمغادرة
وطنهم للعمل في دول النفط، أو الهجرة الى أمريكا وأوروبا، وبذلوا كل جهد ممكن، وبتآمر مشترك مع حكّام عرب،
لتهجير مئات الآلاف من يهود العراق والمغرب واليمن وسوريا ومصر وغيرها من الدول
العربية إلى إسرائيل ونجحوا في ذلك، وحاولوا التخلص من الفلسطينيين الذين صمدوا في
أرضهم التي احتلوها عام 1948 وفشلوا.
ومنذ احتلالها لما تبقى من فلسطين عام 1967 ، سهّلت إسرائيل خروج أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين إلى الأردن
ودول عربيّة وأجنبيّة أخرى، ومارست وما
زالت تمارس، سياسة عنصريّة هدفها تسهيل خروج الفلسطينيين ووضع كل العراقيل الممكنة
لمنع عودتهم، وحاولت وبدعم أمريكي الضغط على الحكام العرب لتوطينهم في الدول التي
يعيشون فيها، وقتلت رابين، وزرعت أكثر من 700000 يهودي في مستوطنات بين مدن وبلدات
وقرى الضفة الغربية، واستغلّت محادثات السلام العبثية لكسب الوقت والسيطرة على
أراضي الضفة وتمزيقها إلى إجزاء غير مترابطة وحصرها بين المستوطنات، وأفشلت حل
الدولتين، ولكنها وبرغم ذلك كله لم تتمكن من إخضاع شعب الجبارين.
على الفلسطينيين أن يرفضوا القبول بالدولة الاسميّة التي يخطّط
الصهاينة والرئيس الأمريكي ترامب وبعض
العرب لفرضها عليهم، وأن يصمدوا ويتمّسكوا بالأرض وبالمقاومة ، ويسهّلوا زواج
الشباب ويشجّعوا الإنجاب، ويبذلوا كل جهد ممكن للتوسّع في التعليم والصناعة
والزراعة، ويستغلوا عاملي الزمن والزيادة في عدد السكان لتلقين الصهاينة درسا وقلب
الطاولة على رؤوسهم.
الفلسطينيون وإخوانهم أبناء الشعوب العربية يزدادون وعيا وثقافة، وسيتمرّدون
حتما على الأنظمة العربيّة الاستبداديّة المتخاذلة التي تحاول فرض الإرادة الإسرائيلية
الأمريكية على المنطقة، ويحرّرون فلسطين من غاصبيها، ويثبتون للعالم أن الحق لا
يموت، وإن حقائق التاريخ لا تزور ولا تمحى.