* إن فلسطين تبكيك ، وستحفر إسمك في تاريخها وتزيّنه بماء الذهب ، وستتشرّف بإدراجه في كتب أدبها وعلومها الإجتماعية ومدارسها وجامعاتها . أنت يا سيّدي المطران تستحق أكثر من ذلك . العظماء من أمثالك لا يمكن ردّ صنيعهم لأنه أكبر وأعظم من أن يرد ، ولأن فاعله لا يريد مقابلا على ما فعل ، لأنه يعتقد إن مافعله كان دفاعا عن الحق والعدل ، وتنفيذا لأوامر الله ويسوع المسيح في محاربة الظلم .
* لقد ضربت مثلا في الصدق والوفاء والتضحية لعالمنا
بأسره وخاصة العالم العربي والإسلامي ، وعلّمت الطبقة الدينيّة بكل أطيافها من شرق
الكرة الأرضيّة إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ، أن واجب رجل الدين الذي ... لا
يعلو عليه واجب ... هو محاربة الظلم والإنتصار للمظلومين . هكذا يا سيدي أراد وقال
الربّ وأنت نفّذت ما أراده وقاله .
* أنت يا إبن حلب الشهباء لا شك في عروبتك ووفائك
لأمّتك العربية ولفلسطين ، ولا شك في عروبة ووفاء أجدادك وتابعي رسالة المسيح التي
كنت تبلّغها للناس وتدعوهم من خلالها إلى التآخي والصلاح . عندما عيّنت مطرانا
لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس عام 1965 ، كان هدفك هو المشاركة في خدمة الربّ
في قدس عيسى وموسى ومحمد ، ونشر الحب والسلام بين الناس ، وتعميق تسامح فلسطين
الديني الذي كان وسيظل مثالا يحتذى به بفضل جهود رجال الدين المثقفين البررة من
أمثالك .
* لكنك وجدت نفسك فجأة تعيش في ظل إحتلال
غاشم ، فكان لا بد لرجل مثلك إلا أن يقف مع أهله ، وأن يتصدى لبطش الإحتلال وظلمه ،
فدعمت المقاومة ، وهرّبت لها السلاح ، واعتقلت وعانيت في سجون الإحتلال كما عانى
عيسى إبن مريم الذي تصدّى للظلم والإستبداد عندما ارداد تبليغ الناس كلام الله
ونشره بينهم .
* أنت يا سيدي لم تمت . الذين ماتوا منذ زمن
طويل هم ... رجال الدين الأحياء الذين تحالفوا ... مع حكّام طغاة ! ، وقبلوا تحكّم
المحتلّ فيهم وفي أوطانهم ، وناصروا اللصوص وجوّعوا الفقراء ، وخانوا إرادة الله
التي تدعوهم إلى الوقوف مع الحقّ ومحاربة الباطل . أنت يا سيدي بتضحياتك علّمتهم
أن الدين هو دفاع عن الحق ، وان الله لا يقبل إلا الحق ، وإن رجل الدين الذي لا
يقف إلى جانب الحق ، ولا يدافع عن كرامة ومصالح أمته ، هو منافق وخائن لله وعباده
وأديانه وسيكون مصيره .. جهنّم .. وبئس المصير .