* ترمب الرئيس الأمريكي المنتخب معروف بقلّة خبرته السياسية ، وجهله في الشؤون السياسية الدوليّة ، وعنجهيّته وعنصريّته ، وتحالفه مع أصحاب المليارات اليهود من أمثال ملك القمار أديلسون ، والأخوين كوش ، وغيرهم من كبار أغنياء أمريكا اليهود والمسيحيين المتصهينين ، وبتعاطفه مع إسرائيل ، وتأييده لاحتلالها للأراضي الفلسطينية . ولهذا يمكن القول إن إدارته سوف تضم عددا من الساسة المؤيدين لاسرائيل ، وإنه سوف يعتمد على مستشاريه في رسم خطوط سياسته الخارجية .
* ولهذا فإنّه من المتوقع أن يلعب اللوبي اليهودي الأمريكي القوي إيباك وغيره من المؤسسات اليهودية المتنفّذة ، والشخصيات الصهيونية المتغلغلة في مراكز صنع القرار السياسي ، والاجتماعي ، والاقتصادي ، والثقافي دورا هاما في وضع الخطوط الرئيسية لسياسة ترمب الشرق أوسطية ، خاصة ما يتعلق منها بالقضية الفلسطينية وحروب المنطقة . ولهذا فإن هناك إمكانية حقيقية أنه سيكون من أكثر الرؤساء الأمريكيين ولاء ودعما لاسرائيل ولمخططاتها العدوانية التوسعية ضد الفلسطينيين ، والعرب ، والمسلمين .
* بالنسبة للقضية الفلسطينية لا أحد يتوقع منه خيرا . بالتأكيد إنه سوف يحافظ على علاقات أمريكا الخاصة بإسرائيل ، ويدعم الموقف الاسرائيلي دوليا ، ويمارس سياسة إدارة الصراع وخداعنا ولن يفعل شيئا جديا لحلّه ما دام الحلّ لا يرضي أهداف إسرائيل ، وقد يكون الأكثر خطرا على مسقبل القضية الفلسطينية ويلحق بها ضررا بالغا إذا نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وشرّع الاحتلال كما وعد ، وإذا نجح في إيقاف وتعطيل محاولات دول الاتحاد الأوروبي ، وروسيا ، والصين الهادفة إلى إيجاد حل سلمي للصراع .
* ولد نتنياهو وترعرع في بروكلين بولاية نيويورك ، وورث التصلب والولاء للصهيونية عن والده المؤرخ المشهور الذي ساهم مساهمة فعالة في إصدار الموسوعة اليهودية . إنه يتكلم اللغة الانجليزية كلغة أم ، ويفهم الثقافة والعقلية الأمريكية بعمق ، وله علاقات قوية جدا مع أعضاء الكونجرس والمنظمات اليهودية . إنه داهية في المناورارت والكذب السياسي ، وأكثر خبرة سياسية من ترمب ، وتربطهما صداقة شخصية . ولهذا فإنه من المرجّح أن يزداد التحالف الأمريكي الاسرائيلي قوة وبطشا ضد الفلسطينيين والعرب ، وسوف يشتغل نتنياهو ضعف ترمب ليحصل على أكبر قدر من الدعم الاقتصادي والسياسي والعسكري الأمريكي .. وطبعا بدون مقابل !
* أما الفلسطينيون فإنهم في مأزق لا يحسدون عليه ، ومن المرجح أن تزداد أوضاعهم تردّيا خلال الأربع سنوات القادمة من حكم ترمب . إنه لا يخفي نواياه ضدّهم ، وقد يوقف الدعم الاقتصادي الذي كانت تقدّمه لهم إدارة أوباما خاصّة بعد أن سيطر الحزب الجمهوري على الكونجرس في انتخابات الثلاثاء الماضي . كذلك إنهم مقيدون سياسيا وجغرافيا بالانقسام وبخلافاتهم ، وعاجزون عن توحيد قرارهم السياسي ، ومنهكون إقتصاديا ، ومحاصرون إسرائيليا وعربيا ، ولم يبق لديهم ما يمكنهم توظيفه في مواجهة هذه التحديات الصعبة الا الوحدة والاعتماد على النفس .
* إنتخاب ترمب يجب أن يكون حافزا للفلسطينيين لانهاء خلافاتهم وانقساماتهم في أسرع وقت ممكن . إنهم بحاجة ماسة إلى مراجعة أولوياتهم السياسية والاستراتيجية ، والتوصل إلى برنامج سياسي مبني على خطة عمل موحدة واضحة تقرّها الفعاليات السياسية وتلتزم بتطبيقها . لقد فشل الحل السلمي ولم يبقى له وجود ، وماتت إتفاقات اوسلو ودفنت بعد أن نجحت إسرائيل في خداعنا ، وخداع العالم في محادثات عدميّة استمرت ربع قرن .
* لقد حان وقت إنهاء الخلافات والمزايدات الفلسطينية – الفلسطينية العبثيّة التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من مآسي والعمل معا لنعيد لشعبنا وحدته ، ونقوي جبهتنا الداخلية ، ونعمّم ونعزّز مقاومتنا للاحتلال . بوحدتنا ، وحكمتنا ، ووحدة قرارنا السياسي ، ومقاومتنا الشاملة ، وتضحياتنا نستطيع أن نواجه ترمب ونتنياهو ، ونقنع العالم أننا شعب يطالب بحقه ، ويريد سلاما عادلا ، وإنه عصيّ على الكسر ، وإن لا أمن ولا أمان لاسرائيل ومصالح الغرب المتورّط بدعمها ، إلا بحل عادل ينهي الاحتلال ويمكّن الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة.