الله سبحانه وتعالى هو خالق الكون ، وله الحق الأول في التقديس وفي واجب الولاء والطاعة والعبادة والاجلال ، والوطن هو المقدس الثاني لأنه أساس وجودنا ، ولأننا نعيش فيه ، ونستظل بظله ، ونشعر بدفئه وحمايته لنا ولشخصيتنا الوطنية ، ونأكل من خيراته ، ونكبر ونصغر معه ، ونموت ونحيا معه أيضا . والمواطن هو الطرف الذي يستحق التبجيل والاكرام لأنه هو الذي يبني الوطن بعرقه ويفديه بدمه .
ولهذا فان الشعار الذي يحمل اسم " الله والوطن " ، هو شعار صادق يعبر عن إرادتنا ، وعزيز علينا ، ونفتخر برفعه والاحتفاء به . أما أن يقرن الحاكم العربي لقبه السلطوي بالله وبالوطن ويرفع شعارات ولافتات ..." الله الوطن الأمير.. الملك .. الخ . " لتمجيد نفسه وتسفيهنا ، فهذه جريمة لا تغتفر .
ما الذي أنجزه الحاكم العربي لنا لنقرن إسمه مع إسم الله والوطن ؟ إنظروا إلى أوضاعنا من المحيط إلى الخليج ، واحكموا على نجاح حكامنا . هذة هي الخدمات الجليلة التي قدموها للوطن والمواطن : فلسطين ما زالت محتلة وتصرخ وامعتصماه ولا أحد يسمع ندائها ، القدس تدنس كل يوم ولا أحد يهتم بقدسيتها وإهانتها ، وهضبة الجولان وأراض عربية أخرى ما زالت محتلة ، وأنهار من الدماء ، وملايين من القتلى والجرحى واليتامى والأرامل ، وملايين اللاجئين في شتى بقاع الأرض ، وخراب ودمار أفظع من دمار هولاكو وجنكيز خان ، وحرية سياسية لا وجود لها ، وتزوير للتاريخ ، وسجون مملوءة بالسياسيين والمثقفين والناشطين الشرفاء الرافضين لظلم شعوبهم ، وفقر ، ومرض ، وجهل ، وتخلف ، وفساد ، ولصوصية ، واستبداد ، وفسق ، وانحطاط أخلاقي ، وطائفية ، وعنصرية بين أبناء الوطن الواحد ، وقبائلية ، وأبواب مشرعة لكل من يريد أن ينهب ثرواتنا ويقتلنا ويحتل أرضنا . هذا هو الوطن العربي اليوم بانجازاته العظيمة التي حققها الحكام " أولياء الأمر العظماء !!".
هل يستحق هؤلاء أن نقرن أسمائهم مع إسم الله والوطن ونقول " الله الوطن ....الملك ، أو الشيخ ، أو الامير ، أو السلطان ، أو الرئيس ؟؟ " إنهم لا يستحقون هذا الشرف لأنهم خانوا الوطن والمواطن .
لم يبتدع عظماء التاريخ من أمثال أبو بكر الصديق ، وغاندي ، ومانديلا ، وعمر إبن الخطاب ، وعلي إبن أبي طالب شعارات تقدسهم وتميزهم عن أبناء شعوبهم كما يفعل طغاتنا بإطلاق ألقاب على أنفسهم مثل صاحب الجلاله ، عظمة الملك ، ملك الانسانية ، أمير الانسانية ، عظمة السلطان ، صاحب السمو، سمو الشيخ ، فخامته الخ .
ويمنحون إماراتهم ، ومشيخاتهم ، ومملكاتهم ، وجمهورياتهم القابا مثل " ، دولة الانسانية ، وإمارة الانسانية ، ومملكة الانسانية !! ( السويد تخجل أن تقول عن نفسها مملكة الانسانية ... وسويسرا تقهقه حسدا عندما تسمع بملك الانسانية ، أو بأمير الانسانية العربي ) ... لقد فقد هؤلاء الحكام الحياء ، ويتصرفون بغباء لم يعرفه عالم الغباء منذ عرف الانسان الغباء ... هذه الالقاب الكاذبة المهينة للعقل الانساني ولكرامة الانسان العربي " لا تعني شيئا سوى إرضاء غرور الحاكم العربي وأمراضه النفسية . إنه يحاول تغطية فشله بالقاب غبية يطلقها على نفسه وعلى مزرعته ( دولته !! ) ، وبوسائل خداع ساذجة ومكشوفة وينسى أن " الوعاء ينضح بما فيه .
" إلغوا هذه الألقاب المهينة لنا واستبدلوها بالحاكم الأمي ، الفاسد ، العميل ، الطاغية ، الفاشل ، اللص ، واعملوا بكل قواكم للتخلص منه . وسموا دولته بدولة العبيد ، والظلم ، والبطش ، والفساد . من الأفضل لنا أن يكون شعارنا في كل دولة عربية هو " ألله ألوطن ألمواطن ." هذا الثلاثي هو صاحب الحق في التبجيل والاكرام والاحترام . الحاكم هو موظف في الدولة يتلقى راتبا مقابل عمله ، ولهذا فإنه لا يستحق الشكر على القيام بواجبه في خدمة وحماية الوطن والمواطن ، والمحافظة على مصالح الناس ، وإقامة العدل بينهم ، وتوفير الرعاية لهم ، ....والمضحك أن الحاكم العربي فشل في هذا كله ....ورغم ذلك فإنه فرض علينا أن ننعته بألقاب لايستحقها إلا رب العالمين . ألمواطن هو الجندي ، والعامل ، واالمزارع الخ ..الذي يبني الوطن بعرقه وتضحياته ويذود عنه بكل ما يملك .
نحن كمواطنين وبسبب جهلنا ، وتخلفنا ، ورعبنا من الحاكم ومخابراتة وبطشه استسلمنا لارادته . ورغم ظلمه لنا ، وعبثه بمستقبلنا وبمصيرنا ومصير أوطاننا ، فإننا نتظاهر في شوارعنا ونقول له بأعلى أصواتنا نحن معك ونؤيدك يا مولانا ، ونغني له في محطات الاذاعة والتلفزة ، ونرقص له في أعراسنا وفي إحتفالاتنا ، ونكتب له الأشعار والقصائد .
نحن أصحاب الوطن ، ويجب علينا أن نتمرد على هذا الظلم ونتصدى لهكذا قادة ، ونعمل على إسقاطهم والخلاص منهم بكل الوسائل الممكنة . وكما قال الزعيم الديني الأمريكي المسلم مالكولم إكس رحمه الله " لا يستطيع أحد أن يمنحك الحرية ، ولا يستطيع أحد أن يمنحك المساواة أو العدالة أو أي شيء آخر ، فإن كنت رجلا فعليك أن تأخذها بنفسك ." رغم هذا التشاؤم ، ورغم كل ما نشاهده حولنا من خراب وقتل وظلم ومعاناة ، نأمل بأن وطننا الجريح المنكوب يتحضر لمرحلة جديدة تتناقض تماما مع حاضره المأساوي .
ألتاريخ شاهد على أن الشعوب لا تموت أبدا ، وأن إرادة الشعب ستنتصر ، وأن معظم الدول العظيمة في التاريخ مرت بمراحل مخاض تشبه ما نمر به الآن ، ولكنها إنتصرت على نفسها وعلى أعدائها ، وحولت هزائمها إلى إنتصارت ، وبنت أوطانا ديموقراطية إنسانية مزدهرة .
هذا الجيل العربي من الشباب والشابات ، والأجيال العربية القادمة في كل قطر من أقطار وطننا ، هي أملنا ورصيد مستقبلنا ، وسوف تتمكن بعون الله من خلق عالم عربي جديد ، عالم يسود فيه المواطن ويرتفع فيه شأن الوطن .