لا ارغب في أن اخصص قلمي أو مقالتي للهجوم عليه لأنني بصراحة متعاطف معه لشعوري بأن الرجل ( عايز يــــاكل البــاقي من فتات العيش )... فالجوع هدَه , وبدأ يحاصر أولاده بعدما سرق أساطين الحزب الوطني الحاكم في مصر وأبناءهم وأتباعهم اغلب حصته و حصة أولاده من الناتج القومي ... فلجأ المسكين للتعربش على المقولة الفنية ( الناس عــــــــايـــزة كدة ) خصوصا وان المواطن العربي يرتع في نعيم الديموقراطية , والدولة تجهد لتلبية رغباته وأذواقه وميوله الفنية بعدما لبت كافة رغباته السياسية والاجتماعية والاقتصادية ...
· ابو الليف هو مواطن مصري غلبان ..وبخلاف (شعبولا ) المسكين الأمي اللي بيحب عمرو موسى وبيكره اسرائيل والذي كان يعمل كواء (صبي مكوجي) فان ابو الليف رجل متعلم وحاصل على دبلوم... سافر إلى ليبيا في مطلع شبابه وعمل موظفاً في ( سوبر ماركت) كما عمل مزارعا في صحاري الجماهيرية الخضراء والتي تزداد أراضيها قحطاً واصفراراً... وهناك وعلى اثر مشاهدته لإحدى خطابات الزعيــم الأخضر وما رافقها من تهريفات وتخاريف وكوميديا جنونية تجعل زوار الزعيم الأخضر من الزعماء العرب والدوليين غير قادرين على إخفاء ابتساماتهم الخبيثة في كل إطلالة إعلامية يضطرون فيها لمرافقة العقيد الأخضر ويدخل فيها سيادة العقيد السرور إلى قلوبنا والتي أدماها الحزن فيضحكنا بملء أفواهنا حتى الاختناق , لمعت في رأس أبو الليــــف الفكرة.. فما دامت اغلب القيادات السياسية في وطننا العربي تهرف وتخرف وتؤذي مشاعر مواطنيها بسقوطها الوطني والقومي وحتى اللغوي وتلاقى أفعالها بالرضا والقبول والتسليم .. وأحيانا بالتصفيق الهستيري فلماذا لا يستفيد من تجربة القيادات السياسية ويسقطها على محاولته الفنية ويركب موجة الإسفاف والسقوط فلعله يستطيع ان يطعم نفسه ويؤمن مسكنا له ولأولاده ..وفي نفس الوقت يلبي حاجة فنية جماعية بما ان (الناس عــايزة كدة)
· دعونا نعترف... سقوط الذوق الفني هو نتيجة تلقائية للسقوط الشامل في كافة منظومات المجتمع من سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ...و ملايين المصريين الذين عجزوا عن تامين السكن اللائق بآدميتهم اضطروا لأن يحتلوا المقـــابر ويجعلوها مساكناً لهم , وبالتأكيد لن تطربهم الحان أم كلثــوم وعبد الوهاب وكارم محمود وعبد الحليم بعدما اصبح جيرانهم من الموتى ولذلك فهم بحاجة لصنف أقوى ...صنف من عيار شعبـــــولا وأبو الليـــــف
· المفكر السياسي المصري (السيد ياسين) وخلال ندوة عقدت في مركز البحوث والدراسات السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة قال تعليقا على ظاهرة (أبو الليــــف) :
إن المطرب أبو الليف صاحب الاغنية الشهيرة ( انا مش خرنج ) هو نموذج لفساد الذوق المصري وانحداره , وتساءل ياسين : كيف انحدر الذوق المصري من عبد الحليم وام كلثوم ونجاة وغيرهم الى أمثال أبو الليف ومن قبله شعبان عبد الرحيم ( شعبولا ) ؟؟
وأضاف انه مشفق على أبو الليف الذي اصبح للأسف نجم نجوم مصر حاليا بأغنية تعبر عن انحطاط الذوق وأكد ان المجتمع المصري أصبح عشوائيا لا تحكمه قيم او قوانين قائلا : نحن بحاجة إلى إعادة صياغة لقيم المجتمع السياسية والاجتماعية والاقتصادية والمالية موضحا أن الناس اعتادت على القبح : ( الناس تلاقيهم قاعدين على القهوة وأمامهم المجاري ضاربة وهم قاعدين وسطها وكأن مفيش حاجة خالص ...
· كتبت المقالة وأنا أستمخ على أنغام ( أبو الليـــــف ) وبصراحة فانا استبشرت بالألبوم خيراً لأنه يدلل على أن ثورة اجتماعية قادمة لا محالة في مصر ....
ما يؤسفني فقط أنني كنت أتمنى أن تكون ثورة ضد سقوط النظام المصري سياسيا ... قبل أن تكون ثورة ضد سقوطه الاجتماعي.. ولنرى من هو الذي يهدد الأمن القومي المصري... ( غــــــزة الصامدة الصابرة) والتي تواطؤ النظام على محاصرة أطفالها ونسائها وجرحاها ومرضاها كرمى لعيون قادة اسرائيل ...أم (النظام المصري) والذي حاصر شعبه فجوعه وسرق خيرات بلاده.. وخلي إسرائيل يا عصابة النظام -الخرنج- تنشلكم من غيط السلام والتنسيق والتطبيع ....
وتصبحون على خير ...لأن اخي أبو الليف يذكرني بأنه ( قبل ما انام في حاجات لازم اعملها )